xX morning dew Xx
عدد الرسائل : 45 تاريخ التسجيل : 04/06/2008
| موضوع: مناظرة بين الليل والنهار الإثنين أكتوبر 06, 2008 5:12 am | |
| مناظرة بين الليل والنهار
لمحمد افندي المبارك الجزائري لما اسفر النهار عن بياض الغرة قابله الليل بسواد الطرة ثم صار الهزل جدا واشتد النزاع بينهما جدا فاستنجد كل منهما اميره، وافشى له سره وضميره واذا بالليل حمل على النهار فصبغ حمرة وردته بصفرة البهار وخطر يجر ذيول تيهه وعجبه مرصعا تيجان مفاخره بدرر شبهه ثم قال: (والليل اذا يغشى) (ان في ذلك لعبرة لمن يخشى) ففتح باب المناقشة في هذا الفصل وعقد اسباب المنافسة بقوله الفصل (فان الحرب اولها كلام) ثم تنجلي عن قتيل او اسير بكلام.
ولما بلغ الليل غايته بزغ الفجر ورفع رايته وقال اذ جال في معترك المنايا (انا ابن جلا وطلاع الثنايا) فتقدم في ذلك المكان وجلى تاليا قوله تعالى (والنهار اذا تجلى) ثم استوى على عرش السنا والسناء واطلع شموس طلعته في الارض والسماء فاعرب عن غوامض الرقائق والحقائق واغرب في نشر ما انطوى من الاسرار والدقائق وما انحدر من منبره حتى ايد دعوى خبره بشاهد مخبره فانتدب اليه (الليل) ومال عليه كل الميل وقال: احمد من جعلني خلوة للاحباب وجلوة لعرائس العرفان ونفائس الآداب وخلقني مثوى لراحة العباد ومأوى لخاصة النساك والعباد ولله در من قال فاجاد:
ايها الليل طل بغيـر جنـاحليس للعين راحة في الصباح
كيف لا ابغض الصباح وفيهبأن عنى نور الوجوه الصباح
اتردد على ارباب المجاهدة بفنون الغرائب واتودد الى اصحاب المشاهدة بعيون الرغائب تدور في ساحتهم بدور الحسن والبهاء وتدار من راحتهم كؤوس الانس والهناء فتحييهم نغمات السمر وتحييهم نسمات السحر فاحيان وصلى بالتهاني مقمرة وافنان فضلى بالاماني مثمرة وحسبي كرامة انى للناس خير لباس اقيهم بلطف الايناس من كل باس ومن واصل الادلاج وهجر طيب الكرى قيل له (عند الصباح يحمد القوم السرى).
وما الليل الا للمجـد مطيـةوميدان سبق فاستبق تبلغ المنى
ففتن بمعاني بيانه البديع وتفنن في افانين التصريع والترصيع ثم اتم خطبته بالتماس المغفرة والعفو واستعاذ بالله من دواهي الغفلة ودواعي اللهو فوثب اليه (النهار) وصال عليه صولة ملك قهار وصعد على منبره ثانيا وقد اضحى التيه لعطفه ثانيا فاثنى على من جلا ظلمة الحجاب وتجلى له باسمه النور وتوجه بسورة من الكتاب وزانه بابهى سراج وهاج فاوضح بسناه السبيل والمنهاج ثم صاح: ايها الليل هلا قصرت من اعجابك الذيل؟ ولئن دارت رحى الحرب واستعرت نار الطعن والضرب فلأسبين مخدراتك وهي عن الوجوه حاسرة وانت تتلو يومئذ (تلك اذا كرة خاسرة) فما دعاك الى حلبة المفاضلة؟ وما دهاك حتى عرضت بنفسك للمناضلة؟! وهل دأبك الا الخداع والمكر؟! وترقب الفرصة وانت داخل الوكر؟ اما حض القرآن على التعوذ برب الفلق وندب (من شر ما خلق ومن شر غاسق اذا وقب) فبربي يستعاذ من شرك ويستعان على صنوف صروف غدرك وهب انك تجمع المحب بالحبيب اذا جار عليه الهوى وحار الطبيب فكم يقاسى منك في هاجرة ويئن انين الثكلى حتى مطلع الفجر؟!
يبيت كمـا بـات السليـم مسهـداوفي قلبه نار يشـب لهـا وقـدا
فيساهر النجوم ويسـاور الوجـوموقد هاجت لواعج غرامه وتحركت
سواكن وجده وهيامه فانشد وزفيره يتصعد:
اقضى نهارى بالحديث وبالمنىويجمعني والهم بالليل جامـع
نهارى نهار الناس حتى اذا بدالي الليل هزتني اليك المضاجع
على ان العاشق الوله يشكو منك في جميع احواله فكم قطع آناءك بمواصلة انينه متململا من فرط شوقه وحنينه فلما ان حظى بالوصال تمثل بقول من قال:
الليل ان واصلت كالليل ان هجـرتاشكو من الطول ما اشكو من القصر
ولئن افتخرت ببدرك الباهر الباهي فانما تبارى ببعض انوارى وتباهى وهل للبدر عند اشراق الشمس من نور؟ او لطلعة حسنه من خدور البطون ظهور! ومن ادعى انك تساويني في الفضل والقدر! او زعم ان الشمس تقتبس من مشكاة البدر! ومتى استمدت الاصول من الفروع (وما اغنى الشموس عن الشموع) فبي تنجلى محاسن المظاهر الكونية وتتحلى بجواهر الاعراض اللونية او يخفى حسنى وجمالي على مشاهد؟ او يفتقر فضلى وكمالى الى شاهد! وعرضي عار من العار وجميع الحسن من ضيائي مستعار!
وليس يصح في الاذهان شيءاذا احتاج النهار الـى دليـل
مناظرة بين الجمل والحصان :
قال الجمل: أنا أحمل الأحمال الثقال ، وأقطع بها المراحل الطوال ، وأكابد الكلال ، وأصبر على مر النكال ، ولا يعتريني من ذلك ملال ، وأصول صولة الإدلال ، بل أنقاد للطفل الصغير ، ولو شئت استصعبت على الأمير الكبير ، فأنا الذلول وللأثقال حمول ، لست بالخائن ولا الغلول ، ولا الصائل عند الوصول ، أقطع في الوحول ما يعجز عنه الفحول ، وأصابر الظلماء في الهواجر ولا أحول ، فإذا قضيت حق صاحبي وبلغت مآربي ألقيت حبلي على غاربي ، وذهبت في البوادي أكتسب من الحلال زادي ، فإن سمعت صوت حاديّ سلمت إليه قيادي ، وواصلت فيه سهادي ، وطلقت طيّب رقادي ، ومددت إليه عنقي لبلوغ مرادي ، فأنا إن ضللت فالدليل هادي ، وإن ظمئت فذكر الحبيب زادي ، وأنا المسخر لكم بإشارة " وتحمل أثقالكم" فلم أزل بين رحلة ومقام ، حتى أصل إلى ذلك المقام.
فقال الحصان: أنا أحمل صاحبي على كاهلي فأجتهد به في السير ، وأنطلق به كالطير ، أهجم هجوم الليل وأقتحم اقتحام السيل ، فإن كان طالبا أدرك بي طلبه وإن كان مطلوبا قطعت عنه سببه ، وجعلت أسباب الردى عنه محجته ، فلا يدرك مني إلا الغبار ولا يسمع عني إلا الأخبار ، وإن كان الجمل هو الصابر المجرّب فأنا السابق المقرب ، وإن كان هو المقتصد اللاحق فأنا المقرب السابق ، فإذا كان يوم اللقاء قدمت إقدام الواله وسبقت سبق نباله ، وذلك متخلف لثقل أحماله، وإن أوثق سائسي قيدي وأمن كيدي أوثِقت بشكالي لكيلا أحول على أشكالي ، وألجمت بلجامي كيلا أغفل عن قياسي ، وأنعلت الحديد أقدامي كيلا أكل عن إقدامي ، فأنا الموعود بالنجاة المعدود لنيل الجاه ، المشدود للسلامة المقصود للكرامة ، قد أجزل المنعم علي إنعامه ، وأمضى بالعناية الأزلية أحكامه ، فإن الخير معقود بنواصي الخيل إلى يوم القيامة ، خلقت من الريح ، وألهمت التسبيح ، وما برح ظهري عزاً ، وبطني كنزاً ، وصهوتي حرزا ، فكم ركضت في ميدان السباق وما أبديت عجزا ، وكم حززت رؤوس أهل النفاق حزّا ، وكم أخليت منهم الآفاق "هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا"
~ مناظرة بين الفصول الأربعة
قال الريبع: أنا شباب الزمان، وروح الحيوان، وإنسان عين الانسان أنا حياة النفوس، وزينة عروس الغروس، ونزهة الأبصار، ومنطق الأطيار، عرف أوقاتى ناسم، وأيامى أعياد ومواسم، فيها يظهر النبات، وتنشر الأموات، وترد الودائع، وتتحرك الطبائع، ويمرح جنيب الجنوب، وينزح وجيب القلوب وتفيض عيون الأنهار ويعتدل الليل والنهار، كم لي عقد منظوم، وطراز وشى مرقوم، وحلة فاخرة، وحلية ظاهرة، ونجم سعد يدنى راعيه من الأمل، وشمس حسن تنشدنا: (بعد ما بين برجى الجدى والحمل) عساكرى منصورة، وأسلحتى مشهورة فمن سيف غصن مجرهر، ودرع بنفسج مشهر، ومغفر شقيق أحمر، وترس بهار يبهر، وسهم آس يرشق فينشق، ورمح سوسن سنانه أزرق، تحرسها آيات، وتكتنفها ألوية ورايات بي تحمر من الورد خدوده، وتهتز من البان قدودة، ويخضر عذار الريحان، وينتبه من النرجس طرفه الوسنان، وتخرج الخبايا من الزوايا، ويفتر ثغر الأقحوان قائلا (أنا ابن جلا وطلاع الثنايا):
إن هذا الربيع شئ عجيب = يضحك الأرض من بكاء السماء
ذهب حيثما ذهبنا ودر = حيث درنا وفضة في الفضاء
(وقال الصيف): أنا الخل الموافق، والصديق الصادق، والطبيب الحاذق أجتهد في مصلحة الأحباب، وأرفع عنهم كلفة حمل الثياب، وأخفف أثقالهم، وأوفر أموالهم، وأكفيهم المؤونة، وأجزل لهم المعونة، وأغنيهم عن شراء الفرا، وأحقق عندهم (أن كل الصيد في جوف الفرا) نصرت بالصبا، وأوتيت الحكمة في زمن الصبا، بي تتضح الجادة وتنضج من الفواكه المادة، ويزهو البشر والرطب وينصلح مزاج العنب، ويقوى قلب اللوز، ويلين عطف التين والموز ينعقد حب الرمان، فيقمع الصفراء، ويسكن الخفقان، وتخضب وجنات التفاح ويذهب عرف السفرجل مع هبوب الرياح، وتسود عيون الزيتون وتخرج تيجان النارنج ولليمون، مواعدى منقودة، وموائدى ممدودة، الخير موجود في مقامى، والرزق مقسوم في أيامى.
الفقير ينصاع بملء مده وصاعه، والغنى يرتع في ريع ملكه وإقطاعه، والوحش تأتى زرافات ووحدانا، والطير تغدو خماصا وتروح بطانا.
مصيف له ظل ظليل على الورى = ومن حلا طعما وحلل أخلاطا
يعالج أنواع الفواكه مبديا = لصحتها حفظا يعجز بقراطا
(وقال الخريف): أنا سائق الغيوم، وكاسر جيش الغموم، وهازم أحزاب السموم، وحادى نجائب السحائب، وحاسر نقاب المناقب. أنا أصد الصدى وأجود بالندى، وأظهر كل معنى جلى، وأسمو بالوسمى والولى، في أيامى تقطف الثمار، وتصفو الأنهار من الأكدار ويترقوق دمع العيون، ويتلون ورق الغصون، طور يحاكى البقم، وتارة يشبه الأرقم، وحينا يبدو في حلته الذهبية فيجذب الى خلته القلوب الأبية، وفيها يكفى الناس هم الهوام، ويتساوى في لذة الماء الخاص والعام! وتقدم الأطيار مطربة بنشيشها رافلة في الملابس المجددة عن ريشها، وتعصر بنت العنقود وتوثق في سجن الدن بالقيود، على انها لم تجترح إثما، ولم تعاقب إلا عدوانا وظلما، بي تطيب الأوقات، وتحصل اللذات، وترق النسمات، وترمى حصى الجمرات، وتسكن حرارة القلوب، وتكثر أنواع المطعوم والمشروب، كم لى من شجرة أكلها دائم، وحملها للنفع المتعدى لازم، ورقها على الدوام غير زائل وقدود أغصانها تخجل كل رمح ذابل:
إن فصل الخريف وافى إلينا = يتهادى في حلة كالعروس
غيره كان للعيون ربيعا = وهو ما بيننا ربيع النفوس
(وقال الشتاء)، أنا شيخ الجماعة، ورب البضاعة، والمقابل بالسمع والطاعة أجمع شمل الأصحاب، وأسدل عليهم الحجاب، وأتحفهم بالطعام والشراب، ومن ليس له طاقة بي أغلق من دونه الباب، أميل للمطيع، القادر المستطيع المعتضد بالبرود والفرا، الممتسك من الدينار بأوثق العرى، ومن يعش عن ذكرى، ولم يتمثل أمرى، أرجفته بصوت الرعد، وأنجزت له من سيف البرق صادق الوعد، وسرت إليه بعساكر السحاب، ولم أقنع من الغنيمة بالاياب معروفى معروف، ونيل نيلى موصوف، وثمار إحسانى دانية القطوف، كم لى من (وابل) طويل المدى (وجود) وافر الجدا (وقطر) حلا مذاقه (وغيث) قيد العفاة إطلاقه (وديمة) تطرب السمع بصوتها (وحيا) يحيى الأرض بعد موتها، أيامى وجيزة وأوقاتي عزيزة، ومجالسى معمورة بذوى السيادة، مغمورة بالخير والمير والسعادة، نقلها يأتى من أنواعه بالعجب، ومناقلها تسح بذهب اللهب، وراحها تنعش الأرواح، وسقاتها بجفونهم السقيمة تفتن العقول الصحاح، إن ردتها وجدت مالا ممدودا، وإن زرتها شاهدت لها بنين شهودا . | |
|
xX morning dew Xx
عدد الرسائل : 45 تاريخ التسجيل : 04/06/2008
| موضوع: رد: مناظرة بين الليل والنهار الإثنين أكتوبر 06, 2008 5:14 am | |
| اكثر من مناااااااااااااااااظرة[b] | |
|